١٣ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ



ومازال نهر الدم يجــــرى

شهيد و3 آلاف مصاب من مسرح البالون حتى وزارة الدفاع.. والفاعل «معلوم ومجهول»

.. ومازال نهر الدم يجــــرى


آخر تحديث يوم الجمعة 4 مايو 2012 - 12:00 م ا بتوقيت القاهرة


» مجلس الوزراء « قوات الجيش استخدمت العنف بشدة
أ


أعد الملف:أحمد عبد اللطيف

اليوم.. يمر على رحيل مبارك 448 يوما، منذ خلعته الثورة من على سدة الحكم فى 11 فبراير من العام المنقضى.. 448 يوما لم تشهد فيها البلاد سوى المزيد من الجدل.. والمزيد من الصراع.. والمزيد من الدماء.


ظن المصريون أن حقول الدم المتدفق فى الميادين والشوارع، جفت، وأن طوفان العنف الهادر (بفعل أطراف عدة) فى مواجهة من رفعوا شعار «سلمية» قد توقف، إلا أن الرياح تأتى دوما بمزيد من القتل، ليبقى الفاعل مجهولا أحيانا، ومعلوما فى غالب الأحيان.  سالت دماء المصريين قبل رحيل مبارك، وسالت أكثر بعد رحيله، تارة على أيدى قوات الجيش، وأخرى على أيدى جحافل الشرطة، ومرات عديدة على أيدى «البلطجية»، لتكون المحصلة (غير الأخيرة) نحو 200 شهيد، وقرابة 3 آلاف مصاب، تراوحت إصاباتهم ما بين فقد نور العين، وبتر الأعضاء، وعلامات أخرى تبقى مدى حياتهم.

«الشروق» تتبعت خريطة الدم (فيما بعد مبارك)، بدءا من «موقعة مسرح البالون»، حيث الإرهاصات الأولى لظهور «جحافل البلطجية»، وحتى «مذبحة العباسية»، حيث آخر جرائمهم، مرورا ببركان الدم الذى تفجر فى ماسبيرو ومحمد محمود وبورسعيد.



المشهد الأول
على مسرح البالون..
(28 يونيو ــ 1036 مصابًا)
اقتحم مجموعة من الشباب والسيدات أبواب مسرح البالون، وحطموا مقتنياته للمشاركة فى حفل تكريم أسر شهداء الثورة، قبل أن تتصاعد الاشتباكات بينهم وبين أمن المسرح، باستخدام طفايات الحريق وخراطيم المياه، لتمتد إلى ميدان التحرير، ووزارة الداخلية، مرورا بماسبيرو.

رشق المتظاهرون مبنى وزارة الداخلية بالحجارة محاولين اقتحامها، قبل أن تتصدى لهم قوات الأمن المركزى، بعد مواجهات استمرت طويلا، استخدمت فيها قوات الأمن المركزى القنابل الصوتية، وقنابل الغاز المسيلة للدموع.

 تولت النيابة العسكرية التحقيق، بعدما أحيلت لها المعاينات والتحقيقات الأولية، للأحداث التى كان أمام مسرح البالون، وميدان التحرير وأمام مبنى وزارة الداخلية، مسرحا لها، وتشكلت لجنة من أعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان، أثبتت فى تقريرها أن «الأحداث وقعت فى سياق مشحون بالاحتقان على خلفية بطء اجراءات محاكمة المتهمين أو المشتبه فيهم، بجرائم قتل المتظاهرين خلال أحداث الثورة، ما خلق الشعور السائد بالقلق تجاه مسار أهداف الثورة، وخلق بيئة صالحة لشيوع الاضطراب فى المجتمع»، وعاب التقرير على الشرطة «استخدام القوة بإفراط، واعتقال بعض المواطنين أثناء اسعافهم، ما ساهم فى إثارة المواطنين وانضمام أعداد كبيرة منهم إلى المتظاهرين».


  عنف فى العباسية
(قتيل ما بعد مبارك)

فى 23 يوليو 2011، احتفلت مجموعة من «البلطجية» بذكرى ثورة يوليو على طريقتهم الخاصة، تربصوا بمسيرة ضمت آلاف المتظاهرين فى منطقة العباسية طريقهم إلى وزارة الدفاع، وانهالوا عليهم بالحجارة والزجاجات الحارقة، ليسقط أول قتيل فى مظاهرة سلمية، بعد رحيل مبارك.

الاشتباكات العنيفة دفعت بعدد كبير من المتظاهرين إلى الاحتماء بمسجد النور، بعدما سقط عشرات المصابين، ولم يتمكن المتظاهرون من مغادرة المسجد، إلا بعد تدخل قوات الشرطة العسكرية، والتى تمكنت من إجلائهم بعد ساعات من الموقعة. واتهم المصابون فى التحقيقات من أطلقوا عليهم «بلطجية الحزب الوطنى»، وقالوا إنهم من دبروا الاشتباكات.

  ماسبيرو.. أولى المذابح


كانت مصر فى 9 أكتوبر 2011، على موعد مع كارثة خلفت نحو 35 قتيلا، غالبيتهم من الأقباط، وبينهم عدد من أفراد القوات المسلحة ( لم تفصح عنهم الشئون المعنوية للقوات المسلحة)، وأصيب المئات.

البداية كانت فى أعقاب ما أشيع عن «هدم مسلمين لكنيسة فى مدينة إدفو بمحافظة أسوان) ثبت فيما بعد أنها عبارة عن مبنى خدمات، ليعتصم المئات من الأقباط فى مواجهة مبنى التليفزيون بمنطقة ماسبيرو، بقيادة الأب فلوباتير، كاهن كنيسة العذراء، والقس متياس نصر.

 وطلبت قوات الأمن من المعتصمين فض اعتصامهم، إلا أنهم رفضوا ذلك، لتلجأ قوات الأمن المركزى إلى فض تجمهر المعتصمين بالقوة، مخلفة عددا من المصابين، يوم 4 أكتوبر 2011، حينها دعا فلوباتير إلى ما وصفه بـ«أكبر مسيرة للأقباط تشهدها مصر»، يوم الأحد 9 أكتوبر، مهددا باقتحام مبنى الإذاعة والتليفزيون، قبل أن تتصدى لهم الشرطة العسكرية، بإطلاق النار لتفريق التظاهرة، والقنابل المسيلة للدموع.

وأظهرت صور وتسجيلات على موقع اليوتيوب، وشبكات التواصل الاجتماعى، دهسا لمدرعات الجيش للأقباط، وهجوما حادا من الأقباط على جنود القوات المسلحة، ما أوقع عددا من القتلى والمصابين بين الطرفين.

على إثر الأحداث شكل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لجنة مستقلة للتحقيق فى الأحداث، ودعا رئيس مجلس الوزراء، عصام شرف إلى ضبط النفس، فيما رفضت الكنيسة المشاركة فى اجتماع دعت إليه لجنة العدالة الوطنية التابعة لمجلس الوزراء بهدف معالجة القضية.

ودعا الأنبا شنودة، بابا الكنيسة الراحل الأقباط حول العالم إلى الصوم والصلاة ثلاثة أيام، فيما هدد بعض الأقباط بتدويل القضية أمام المحاكم الجنائية الدولية.

أحيلت القضية إلى النيابة العسكرية، ثم إلى نيابة أمن الدولة العليا، واتهم فيها كل من القس فليوباتير جميل، والقس متياس نصر، بعدة تهم، منعا على إثرها من السفر.

  19 قتيلًا.. قربان وصول الجنزورى إلى الوزارة


فى مساء يوم الجمعة 16 ديسمبر 2011، وعندما اعتصم بعض المتظاهرين أمام مجلس الوزراء احتجاجا على تعيين كمال الجنزورى رئيسا للوزراء.. «اختطفت الشرطة العسكرية أحد المتظاهرين، وتعدت عليه بالضرب المبرح، قبل إطلاق سراحه»، حسب شهود عيان، ما أثار المعتصمين ضد الشرطة العسكرية.

وكانت الحادثة بداية لمواجهات خلفت 19 قتيلا، وما يقرب من 2000 مصاب، بالرصاص والخرطوش.. وأظهر كثير من لقطات الفيديو قوات الجيش، تلقى الحجارة على المتظاهرين، وكان أبرز ما شهدته معركة مجلس الوزراء، استشهاد الشيخ عماد عفت، أمين لجنة الإفتاء بالأزهر الشريف.

وأعلن الدكتور كمال الجنزورى، أن عدد المصابين من حرس مجلس الشعب بلغ 30 فردا بينهم 6 ضباط و24 جنديا أصيبوا داخل المجلس، كما أكد أن قوات الجيش لم تستخدم أى طلقات نارية.

وفى رد فعله تجاه الأحداث، أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة رسالته رقم 90 على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، والتى أظهرت مقطع فيديو يوضح قيام بعض الأشخاص باقتحام مبنى «يعتقد أنه مبنى مجلس الوزراء المصرى وتخريبه وإشعال النار فيه».. لترد المواقع الإخبارية بنشر تسجيل مصور لفتاة «يتم سحلها وتعريتها من ملابسها من قبل قوات الشرطة العسكرية».

وتعرض مبنى المجمع العلمى المصرى للاحتراق، ليتهم المتظاهرون «بلطجية مندسين بإحراق المبنى تحت حماية الجيش»، فيما اتهم الجنزورى المتظاهرين بإحراق المبنى.

وعقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة مؤتمرا صحفيا، فى أعقاب الأحداث أنكر فيه اللواء عادل عمارة كل التهم الموجهة للقوات المسلحة من استخدام العنف ضد المتظاهرين وأكد فيه التزام المجلس العسكرى بالتحول الديمقراطى فى مصر.

أدت الأحداث واستخدام القوة المفرطة ضد المعتصمين إلى إعلان كل من الدكتور معتز بالله عبدالفتاح، وأحمد خيرى أبواليزيد والدكتورة نادية مصطفى ومنار الشوربجى وزياد على ولبيب السباعى وحسن نافعة وشريف زهران وحنا جرجس لاستقالاتهم من المجلس الاستشارى المصرى فى 16 ديسمبر 2011.

«جنون القتل»
يعود إلى العباسية


عادت آلة القتلى إلى ميدان العباسية والمناطق المحيطة به من جديد فى 27 إبريل، لتحصد 15 شهيدا، ونحو 170 مصابا، فى نسخة جديدة من برنامج «البلطجية وحرب الشوارع».

تحرك آلاف المتظاهرين يتزعمهم أنصار الشيخ حازم صلاح أبواسماعيل من ميدان التحرير إلى العباسية، حيث مقر وزارة الدفاع، بعد اعتصام فى ميدان التحرير دام أياما، احتجاجا على استبعاد أبواسماعيل من السباق الانتخابى.. اعتصم المتظاهرون فى محيط وزارة الدفاع، على مسافة من الوزارة، قبل أن تقع اشتباكات ليل الأحد 30 أبريل، واستمرت حتى عصر الأربعاء 2 أبريل، بين المعتصمين و«بلطجية مأجورين».

خلفت الاشتباكات 15 ضحية، و170 مصابا، مرشحة أعدادهم للتصاعد، ليكون رد الفعل الأبرز «سياسيا» هو رفض أحزاب سياسية كبرى، حضور اجتماع طارئ، دعا إليه رئيس المجلس العسكرى، احتجاجا على المذبحة.. علاوة على إعلان المجلس العسكرى استعداده لتسليم السلطة فى 24 مايو إذا فاز رئيس فى الجولة الأولى.

كما أعلن عدد من مرشحى الرئاسة، تعليق حملاتهم الانتخابية، ونظموا مسيرات لدعم المتظاهرين فى العباسية.. فيما دعا مجلس الشعب لجلسة طارئة لاجتماع طارئ للجان الأمن القومى وحقوق الإنسان والصحة والشباب.

  «كرة الدم»..  تصل
إلى «استاد المذبحة فى بورسعيد»


مباراة عادية فى كرة القدم، بين فريقى الأهلى والمصرى، فى مساء الأربعاء 1 فبراير 2012، تحولت إلى كارثة، خلفت 74 قتيلا ومئات المصابين.

اقتحم مئات من المشعجين ملعب المباراة فى ظل «تخاذل كامل من قوات الشرطة المسئولة عن تأمين المباراة»، ليتساقط مشجعو الأهلى «شهداء» تحت الأقدام، ومن أعلى المدرجات، وتبقى صورة أنس عبدالرحمن (14 عاما) شاخصة فى الأذهان، باعتباره أصغر ضحايا المذبحة.

الطب الشرعى اكد ان غالبية الوفيات جاءت «نتيجة الإلقاء من أعلى المدرجات»، لتحيل بعدها النيابة 74 متهما إلى المحاكمة ابرزهم مدير أمن المحافظة وقت المباراة، و9 قيادات امنية، فيما اشارت اصابع الاتهام إلى «أعضاء من الحزب الوطنى المنحل» لكن النيابة لم تتوصل إلى ما يدينهم.

خلفت الأحداث أزمة سياسية فى بورسعيد وهو ما دفع عددا من الاهالى إلى طلب الانفصال عن جمهورية مصر العربية، بعد حالة الكساد والمقاطعة التى عاشتها المحافظة، فيما حاول آخرون اقتحام مبنى قناة السويس وتعطيل الملاحة مما اسفر عن وفاة شخصين.

لم يقم اى من مرشحى الرئاسة بزيارة المحافظة ضمن جولاتهم الانتخابية، مكتفين بإلغاء جميع مؤتمراتهم بالمحافظة.. وأقيل المحافظ اللواء أحمد عبدالله، من منصبه، قبل ان يعود اليه من جديد بعد نحو شهرين من وقوع الاحداث.

نظم ألتراس النادى أكثر من مسيرة واعتصام لنحو أسبوعين أمام مجلس الشعب ووزارة الداخلية للمطالبة بالقصاص للشهداء، وسقط فيها نحو 6 شهداء وعشرات الجرحى، وتم نقل محاكمة المتهمين إلى القاهرة وهو ما تمت الاستجابه له حى عقدت اولى الجلسات بأكاديمية الشرطة.

واحتجاجا على مجزرة بورسعيد خرج متظاهرون فى السويس يوم 3 فبراير 2012 للتضامن مع أهالى الشهداء.. وحاولوا اقتحام مديرية الأمن بعد رشقها بالحجارة، قبل أن تصدهم قوات الأمن.. واستخدمت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع، وطلقات الخرطوش والرصاص المطاطى، فيما اندلعت حرائق فى محيط مديرية أمن السويس، ومبنى المحافظة، ومحيط مجمع المحاكم، لتخلف الجولة قتيلين، وعشرات المصابين.

موقعة محمد محمود.. موسم قنص العيون


«قناص العيون» مصطلح أطلقه الإعلام على أحد ضباط الشرطة، والذى أظهرت لقطات مصورة، أنه كان يستهدف ببندقيته، عيون المتظاهرين فى شارع محمد محمود ــ المؤدى إلى وزارة الداخلية ــ خلال الأحداث التى اندلعت عقب جمعة «توحيد المطالب» فى ميدان التحرير.

كانت التيارات الإسلامية دعت إلى مظاهرة مليونية، أطلقت عليها «جمعة توحيد المطالب»، لرفض وثيقة على السلمى، نائب رئيس الوزراء آنذاك.

واستمرت المواجهات فى الشوارع المؤدية إلى وزارة الداخلية، لنحو 7 أيام، حتى الجمعة 25 نوفمبر 2011، مخلفة وراءها نحو 41 شهيدا، علاوة على سقوط شهيدين فى الإسكندرية بالإضافة إلى آلاف المصابين فى العيون نتيجة إصابات بالخرطوش.

والبداية الحقيقية للأحداث ــ بحسب التحقيقات ــ كانت بعد أن أصرت بعض أسر الشهداء ومصابى الثورة على البقاء معتصمين فى التحرير، عقب المظاهرة، قبل أن تفض قوات الشرطة اعتصامهم بالقوة «المفرطة»، مما أدى لاشتعال الموقف، لتشهد المنطقة، عمليات كر وفر، تبعه نزول المتظاهرين بكثافة إلى الميدان، وذلك قبل أن يشهد ميدان التحرير هجوما مزدوجا لقوات الشرطة العسكرية، وقوات الأمن المركزى، وإطلاقا للخرطوش والقنابل المسيلة للدموع بكثافة.

وأظهرت لقطات فيديو بعض الجنود وهم يسحبون جثة أحد المتظاهرين ويلقونها إلى جوار الطريق قرب تجمع للقمامة.

أصدر مجلس الوزراء بيانا أكد فيه على حق المواطنين فى التظاهر السلمى والتعبير عن الرأى، إلا أنه يرفض بشدة محاولات استغلال هذه التظاهرات لزعزعة الأمن والاستقرار وإثارة الفرقة، مؤكدا الالتزام الكامل بإجراء الانتخابات فى موعدها فى 28 نوفمبر 2011.

تركزت معظم الاشتباكات والإصابات فى شارع محمد محمود الذى يخرج من ميدان التحرير ويفضى إلى شارع الشيخ ريحان الذى يقع فيه مقر وزارة الداخلية المصرية على بعد نحو 700 متر من ميدان التحرير وكان هدف المتظاهرين من التواجد فى هذا الشارع هو منع قوات الأمن المتواجدة فيه من الهجوم على ميدان التحرير، إلا أن قوات الأمن بررت استخدام العنف هناك إلى محاولتها منع المتظاهرين من اقتحام مبنى وزارة الداخلية.

ونتج عن أحداث محمد محمود، استقالة حكومة الدكتور عصام شرف، وتكليف ا
دكتور كمال الجنزورى بتشكيل حكومة إنقاذ وطنى، وإعلان المجلس العسكرى تسريع الجدول الزمنى لنقل السلطة فى 30 يونيو 2012.

بلال فضل

Gazza

Gazza
هلوكوست غزة